الاثنين، 28 ديسمبر 2009

ياشقيق الروح

الموشّحُ:- قولٌ منظومٌ على وزنٍ مخصوصٍ. وهوا لونٌ جديدٌ من ألوانِ الشعرِ العربيِّ له شكلَ خاص ولأبياتِه ترتيب يختلفُ عن شكلِ القصيدةِ التقليديةِ وطريقة ترتيبِ أبياتها .قد سمّى هذا اللون من الشعر (بالمَُوَشّحات), وسمّى ناظمها (بالوَشّاح). وقد وُلِدَ فن الموشحُ ونما وترعرع في ظل حضارةٍ عربيةٍ إسلاميةٍ عظيمةٍ , عُنيت بالفن عامةً والغناء خاصةً. وقد اشتُهرَ فيها الكثيرُ من الوشاحين, منهم : عُبادةُ بنُ ماء السماء, والأعمى التطِيلي, وابنُ زُهرِ الإشبيلي ,وابنُ سَهل, ولسانُ الدين ابن الخطيب, وغيرُهم.

ووموشح "ياشقيق الروح " أحد أشهر هذه الموشحات الجميلة ، وهو موشح بسيط ورشيق ... وقداشتهر هذا الموشح بمن غنَّاه وليس بمن صنعه والذي يقال أنه ابن زُهر الإشبيلي الذي ينسب إلى مدينة اشبيلية التي اشتهرت بفن الموشحات ، في حين يقول البعض أنه منسوب لابن سناء الملك ...وهناك من يقول أن مؤلفه غير معروف.... ! ... إذن هو قدر الشعراء أن ينساهم الناس ويذكرون من غنى قصائدهم .........


ياشقيق الروح من جسدي ...أهوىً بي منك أم ألـــمُ


أيهـا الظبــي الذي شردا ... تركتني مقلتـاك ســدى


زعمــوا أني أراك غـدا ... وأظن المــوت دون غـدي


أين مني اليوم مازعموا؟


أدنُ شيئـاً أيها القـمر

كاد يمحــو نورك الخفـر


أدلال ذاك أم حــذر؟


يانسيم الروح من بلدي... خبِّر الأحباب كيف همُ

......
هذه هي الكلمات المفرطة في رقتها وعفويتها .... أما الصوت فهو لفيروز يشاركها وديع الصافي بالتناوب ... حنجرتان رائعتان تتنافسان في قوة الصوت وعذوبة الأداء ....
مع هذا الخليط المسكر من الكلمات والصوت واللحن لايكفي وصف حالة الإنتشاء التي تصيب السامع .... إنها حالة من النشوة المباحة ... تجتاح الروح فتحلق بها في سماء من الوجد والإنتشاء والصفاء الروحي..

الأربعاء، 22 أبريل 2009

قولي لطيفك ينثني

قولي لطيفك ينثني عن مضجعي عند المنام
فعسى أنام فتنطفي نار تأجج في العظام

** **
قولي لطيفك ينثني عن مضجعي عند الرقاد
فعسى أنام فتنطفي نار تأجج في الفؤاد

** **
قولي لطيفك ينثني عن مضجعي عند الهجوع
فعسى أنام فتنطفي نار تأجج في الضلوع

** **
قولي لطيفك ينثني عن مضجعي عند الهجود
فعسى أنام فتنطفي نار تأجج في الكبود

** **
قولي لطيفك ينثني عن مضجعي عند الوسن
فعسى أنام فتنطفي نار تأجج في البدن



هذه الكلمات العذبة والتي تدل على شاعرية صاحبها وقدرته على تطويع الكلمات واخضاع القافية هي للشاعر الشريف الرضي .. وقد غنتها كوكب الشرق أم كلثوم ولحنها زكريا أحمد ؛ فاجتمعت فيها جمال الشعر مع سحر الصوت وروعة اللحن
...

الجمعة، 10 أبريل 2009

أيها الساقي ...

وهو من الموشحات الذائعة الصيت والبالغة الدقة والتصوير، وهذاالموشح الجميل من تأليف ابي بكر ابن زهر... ويقال أن الكأس هنا ترمز إلى عرائس الشعر وليس إلى الخمر كما يعتقد البعض .والموشح هو شعر غنائي تتعدد فيه القافية ويتغير الوزن مع الإلتزام بوحدة القصيدة وتقابل الأجزاء المتماثلة ، وهو فن تخصص فيه شعراء الأندلس ثم انتقل إلى البلاد العربية وبالتحديد إلى بلاد المغرب العربي ... وتغنى بهذه الموشحات بعض مطربي العرب ومنهم صباح فخري وفيروز ووديع الصافي وبعض منشدي المغرب ...


أيها الساقي اليك المشتكى ** قــد دعونـــاك وإن لــم تسمع
ونديــم همــت في غرتــــه
وبشرب الــراح مـــن راحته
كلما استيقظ من سكرتـــه
جـــذب الــزق اليه واتكـــى ** وسقاني اربعـــاً فــي اربــع
***
ما لعيني عشيت بالنظــــر
أنــــكرت بعــدك ضوء القمر
وإذا ما شئت فاسمع خبري
عشيت عيني من طول البكا ** وبكى بعضي على بعضي معي
***
غصن بـــان مـــال من حيث استوى
بـــات مــن يهـــواه مـــن فرط الجـوى
خفق الاحشاء مــوهـــون القـــوى
كلما فكر في البين بكـــى ** ويحـــه يبــــكي لمـــا لم يـــقــــعِ
***
ليس لي صبر ولا لي جــــلــــدُ
يـــا لقــومي عــذلــوا واجتهدوا
أنـــكروا شكواي مما أجـــــدُ
مثل حــالي حقـــها أن تشتكي ** كمـــد اليــأس وذل الطمعِ
***
كبدي حـــري ودمعـــي يكـــــفُ
تعــــرف الذنــــب ولا تعترفُ
أيـــها المعــــرض عــما اصــفُ
قـــد نمــــا حبي بقلبي وزكـــا ** لا تــــخــل في الحب أنـــي مــدعي

جادك الغيث إذا الغيث همى

من أجمل الموشحات الأندلسية للشاعر الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب
وهي قصيدة معارضة لقصيدة إبن سهل الأندلسي التي تبدأ بهذين البيتين :

هل درى ظبي الحمى أن قدحمى
قلب صــبٍّ حلّه عن مكـنــس

فهو في حرِّ وخفــقٍ مثلما
لعبت ريح الصبـا بالقـبس

وقد أشار إليها الشاعر في نهاية قصيدته

...............


جادك الغيـث إذا الغيـث همـى
يـا زمـان الوصـل بالأندلـس
لـم يكـن وصلـك إلا حلمـا
في الكرى أو خلسـة المختلـس
إذ يقود الدهـر أشتـات المنـى
ينقل الخطـو علـى مـا يرسـم
زمـراً بيـن فــرادى وثـنـا
مثلمـا يدعـو الوفـود الموسـم
والحيا قد جلّـل الـروض سنـا
فثغـور الزهـر منـه تبـسـم
وروى النعمان عن مـاء السمـا
كيف يروي مالـك عـن أنـس
فكسـاه الحسـن ثوبـاً معلمـا
يزدهـي منـه بأبهـى ملـبـس
في ليـال كتمـت سـرّ الهـوى
بالدجـى لـولا شمـوس الغـرر
مال نجم الكـأس فيهـا وهـوى
مستقيـم السيـر سعـد الأثـر
وطر ما فيه مـن عيـب سـوى
أنّـه مّـر كلـمـح البـصـر
حين لّذ الأنـس شيئـا أو كمـا
هجم الصبـح هجـوم الحـرس
غـارت الشهـب بنـا أو ربمـا
أثـرت فينـا عيـون النرجـس
أي شيءٍ لامـرىء قـد خلصـا
فيكون الروض قـد مكّـن فيـه
تنهـب الأزهـار منـه الفرصـا
أمنـت مـن مكـره مـا تتقيـه
فـإذا المـاء تناجـى والحصـى
وخـلا كّـل خليـل بأخـيـه
تبصـر الـورد غيـوراً بـرمـا
يكتسي من غيظـه مـا يكتسـي
وتـرى الآس لبيـبـاً فهـمـا
يسـرق السّمـع بأذنـي فـرس
يا أهيل الحيّ مـن وادي الغضـا
وبقلبـي سكـن أنـتـم بــه
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا
لا أبالـي شرقـه مـن غـربـه
فأعيدوا عهد أنـس قـد مضـى
تعتقـوا عانيكـم مـن كـربـه
واتقـوا الله وأحيـوا مغـرمـا
يتلاشـى نفسـاً فـي نـفـس
حبـس القلـب عليكـم كرمـا
أفترضـون عـفـاء الحـبـس
وبقلـبـي منـكـم مقـتـرب
بأحاديـث المنـى وهـو بعيـد
قمـر أطلـع مـنـه المـغـرب
شقوة المغرى بـه وهـو سعيـد
قد تسـاوى محسـن أو مذنـب
في هـواه بيـن وعـد ووعيـد
ساحر المقلـة معسـول اللمـى
جال في النفـس مجـال النفـس
سـدّد السهـم وسمـىّ ورمـى
فـفـؤادي نهـبـة المفـتـرس
إن يكن جـار وخـاب الأمـل
وفؤاد الصبّ بالشـوق يـذوب
فهـو للنـفـس حبـيـب أول
ليس في الحـبّ لمحبـوب ذنـوب
أمــره معتـمـل ممـتـثـل
في ضلوع قـد براهـا وقلـوب
حكّـم اللّحـظ بهـا فاحتكمـا
لم يراقب فـي ضعـاف الأنفـس
منصـف المظلـوم ممّـن ظلمـا
ومجـازي البّـر منهـا والمسـي
ما لقلبـي كلمّـا هبـت صبـا
عاده عيد مـن الشـوق جديـد
كان فـي اللـوح لـه مكتتبـا
قولـه : " إن عذابـي لشديـد "
جلـب الهـمّ لـه والوصـبـا
فهو للأشجان في جهـد جهيـد
لاعج في أضلعـي قـد أضرمـا
فهي نـار فـي هشيـم اليبـس
لم يـدع فـي مهجتـي إلا ذمـا
كبقـاء الصبـح بعـد الغلـس
سلّمي يا نفس في حكـم القضـا
واعمري الوقت برجعى ومتـاب
دعك من ذكرى زمان قد مضـى
بين عتبى قـد تقضّـت وعتـاب
واصرفي القول إلى المولى الرضـى
ملهم التوفيـق فـي أمّ الكتـاب
الكريـم المنتـهـى والمنتـمـى
أسـد السـرج وبـدر المجلـس
ينـزل النصـر عليـه مثلـمـا
ينـزل الوحـي بـروح القـدس

مصطفـى الله سمـىّ المصطفـى
الغني باللّـه عـن كـلّ أحـد
من إذا ما عقـد العهـد وفـى
وإذا مافتـح الخطـب عـقـد
من بني قيس بن سعـدٍ وكفـى
حيث بيت النصر مرفوع العمـد
حيث بيت النصر محمي الحمـى
وجنى الفضـل زكـي المغـرس
والهـوى ظـل ظليـل خيّمـا
والنـدى هـبّ إلـى المغتـرس
هاكها يا سبـط أنصـار العـلا
والذي إن عثـر الدهـر أقـال
غـادة ألبسهـا الحسـن مـلا
تبهـر العيـن جـلاء وصقـال
عارضت لفظا ومعنـى وحلـى
قول من أنطقـه الحـبّ فقـال
" هل درى ظبي الحمى أن قد حمى
قلب صبّ حلّه عـن مكنـس "
" فهو في خفـقٍ وحـرٍ مثلمـا
لعبت ريـح الصّبـا بالقبـس

الخميس، 2 أبريل 2009

لوعدت لي



يا بعيد الدار عن عيني
ومن قلبي قريباً
كم اناديك
كم اناديك بأشواقي
ولا ألقى مجيباً

تقبل الدنيا على اهل الهوى
أنساً وطيبا
وفؤادي كاد من فرط حنيني
ان يذوبَ

لو عدت لي
رد الزمان إلي سالف بهجتي
ونسيت ما لاقيت منه
في ليالي وحدتي

الخميس، 26 مارس 2009

عشق بلابداية ولانهاية


عشق أتى - قبل الوجود وعاش في الدنيــا قرونا قبلنــا

و تقابلت أشواقنا وتصافحت أعمـارنا وتعانقت روحـانا

وتوقـدت أشواقنــا وتوهجت ومضت لتحكي سرنا وهوانا

إحدى الشاعرات المرهفات الحس امتلأ فؤادها بعشق روحاني لاحدود له فتخيلت أنه خُلق قبل أن توجد هي .... وربما يكون الأمر كذلك .. فالأرواح موجودة قبلنا وتبقى بعد فنائنـأ ...ومن يدري فقد تكون الأرواح التقت في عالمها بمن تحب وتهوى وتآلفت معه قبل أن تحط الأ{واح رحالها في الأجساد .... وتستسلم لمصيرها حيث تكون مرتبطة بالمكان الذي أوجدت فيه .... فلا يتاح لها التعرف على الأرواح التي تآلفت معها في عالم الغيب قبل الحلول في الجسد والتعود على أسره ومطالباته ونزعاته .
كم من الأرواح استطاعت أن تجد إلفها وتهنأ بالعيش معه في عالم الأحياء ...!.....
ربما تكون هناك أمور نادرة وغريبة تجمع بين الأرواح التي تحب وتألف وتشتاق وتحن إلى نصفها المفقود ..... وليس كل الأرواح ؛ فهناك أرواح تظل تبحث وتبحث ولاتجد ماتبحث عنه .... وقد يكون نصيبها أن تعود إلى عالم الخلود لتجد توأمها هناك ينتظرها ليكون التواصل الدائم الذي لاينتهي بوداع وانفصال ..... وماعلى تلك الأرواح إلا التصبٌّر والإنتظار حتى يحين موعد الرحيل عن عالم الفناء بآلامه وأحزانه ومتاعبه .
تعزية لابد منها لكل تلك الأرواح النقية الطاهرة التي تعيش دون أمل في لقاء محبوب تشتاق إليه وتحلم بوجوده معها ....

وحانت ساعة الوداع


لما أناخــوا قبيل الصبح عيسهمُ ..

وحملوها وسـارت بالهـوى الإبلُ

يا حادي العيس عرّج كي أودعهم ..

يا حادي العيس في ترحالك الأجلُ


ماأصعب الوداع ...! ماأقساه ...ماأشدٌّ ألمه .... !ولكنه أمرٌ لامحالة منه ....! نودع أحبتنا وقلوبنا تتمزق ...! وأرواحنا تكاد تتفتت لوعة وشجنا وشوقا..
أي فراق في العالم يهون إن كان الأمل في اللقاء موجود ... وهو موجود مادمنا ودام من نودعهم على ظهر الحياة ....
ولكن إن كان الفراق بلا أمل أو رجوع لأن من نجبهم غادرونا دون رجعة .... فذاك أقصى ماتلقاه النفس من أسى وحزن ... وأكثر مايجعل المرء يشعر بالغربة في الحياة ....
وماهي قيمة الحياة إن فقدنا الأحبة وفقدنا بفراقهم الدائم كل متعة في العيش وكل الفرح ...؟
أيها الغائبون عن العين أنتم في سويداءالقلب .... وفي حنايا الروح مسكنكم ... وسأبقى مابقي لي من العمر انتظر وأنتظر أن نلتقي ثانية بين يدي ربِّ رحيم .