الجمعة، 10 أبريل 2009

جادك الغيث إذا الغيث همى

من أجمل الموشحات الأندلسية للشاعر الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب
وهي قصيدة معارضة لقصيدة إبن سهل الأندلسي التي تبدأ بهذين البيتين :

هل درى ظبي الحمى أن قدحمى
قلب صــبٍّ حلّه عن مكـنــس

فهو في حرِّ وخفــقٍ مثلما
لعبت ريح الصبـا بالقـبس

وقد أشار إليها الشاعر في نهاية قصيدته

...............


جادك الغيـث إذا الغيـث همـى
يـا زمـان الوصـل بالأندلـس
لـم يكـن وصلـك إلا حلمـا
في الكرى أو خلسـة المختلـس
إذ يقود الدهـر أشتـات المنـى
ينقل الخطـو علـى مـا يرسـم
زمـراً بيـن فــرادى وثـنـا
مثلمـا يدعـو الوفـود الموسـم
والحيا قد جلّـل الـروض سنـا
فثغـور الزهـر منـه تبـسـم
وروى النعمان عن مـاء السمـا
كيف يروي مالـك عـن أنـس
فكسـاه الحسـن ثوبـاً معلمـا
يزدهـي منـه بأبهـى ملـبـس
في ليـال كتمـت سـرّ الهـوى
بالدجـى لـولا شمـوس الغـرر
مال نجم الكـأس فيهـا وهـوى
مستقيـم السيـر سعـد الأثـر
وطر ما فيه مـن عيـب سـوى
أنّـه مّـر كلـمـح البـصـر
حين لّذ الأنـس شيئـا أو كمـا
هجم الصبـح هجـوم الحـرس
غـارت الشهـب بنـا أو ربمـا
أثـرت فينـا عيـون النرجـس
أي شيءٍ لامـرىء قـد خلصـا
فيكون الروض قـد مكّـن فيـه
تنهـب الأزهـار منـه الفرصـا
أمنـت مـن مكـره مـا تتقيـه
فـإذا المـاء تناجـى والحصـى
وخـلا كّـل خليـل بأخـيـه
تبصـر الـورد غيـوراً بـرمـا
يكتسي من غيظـه مـا يكتسـي
وتـرى الآس لبيـبـاً فهـمـا
يسـرق السّمـع بأذنـي فـرس
يا أهيل الحيّ مـن وادي الغضـا
وبقلبـي سكـن أنـتـم بــه
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا
لا أبالـي شرقـه مـن غـربـه
فأعيدوا عهد أنـس قـد مضـى
تعتقـوا عانيكـم مـن كـربـه
واتقـوا الله وأحيـوا مغـرمـا
يتلاشـى نفسـاً فـي نـفـس
حبـس القلـب عليكـم كرمـا
أفترضـون عـفـاء الحـبـس
وبقلـبـي منـكـم مقـتـرب
بأحاديـث المنـى وهـو بعيـد
قمـر أطلـع مـنـه المـغـرب
شقوة المغرى بـه وهـو سعيـد
قد تسـاوى محسـن أو مذنـب
في هـواه بيـن وعـد ووعيـد
ساحر المقلـة معسـول اللمـى
جال في النفـس مجـال النفـس
سـدّد السهـم وسمـىّ ورمـى
فـفـؤادي نهـبـة المفـتـرس
إن يكن جـار وخـاب الأمـل
وفؤاد الصبّ بالشـوق يـذوب
فهـو للنـفـس حبـيـب أول
ليس في الحـبّ لمحبـوب ذنـوب
أمــره معتـمـل ممـتـثـل
في ضلوع قـد براهـا وقلـوب
حكّـم اللّحـظ بهـا فاحتكمـا
لم يراقب فـي ضعـاف الأنفـس
منصـف المظلـوم ممّـن ظلمـا
ومجـازي البّـر منهـا والمسـي
ما لقلبـي كلمّـا هبـت صبـا
عاده عيد مـن الشـوق جديـد
كان فـي اللـوح لـه مكتتبـا
قولـه : " إن عذابـي لشديـد "
جلـب الهـمّ لـه والوصـبـا
فهو للأشجان في جهـد جهيـد
لاعج في أضلعـي قـد أضرمـا
فهي نـار فـي هشيـم اليبـس
لم يـدع فـي مهجتـي إلا ذمـا
كبقـاء الصبـح بعـد الغلـس
سلّمي يا نفس في حكـم القضـا
واعمري الوقت برجعى ومتـاب
دعك من ذكرى زمان قد مضـى
بين عتبى قـد تقضّـت وعتـاب
واصرفي القول إلى المولى الرضـى
ملهم التوفيـق فـي أمّ الكتـاب
الكريـم المنتـهـى والمنتـمـى
أسـد السـرج وبـدر المجلـس
ينـزل النصـر عليـه مثلـمـا
ينـزل الوحـي بـروح القـدس

مصطفـى الله سمـىّ المصطفـى
الغني باللّـه عـن كـلّ أحـد
من إذا ما عقـد العهـد وفـى
وإذا مافتـح الخطـب عـقـد
من بني قيس بن سعـدٍ وكفـى
حيث بيت النصر مرفوع العمـد
حيث بيت النصر محمي الحمـى
وجنى الفضـل زكـي المغـرس
والهـوى ظـل ظليـل خيّمـا
والنـدى هـبّ إلـى المغتـرس
هاكها يا سبـط أنصـار العـلا
والذي إن عثـر الدهـر أقـال
غـادة ألبسهـا الحسـن مـلا
تبهـر العيـن جـلاء وصقـال
عارضت لفظا ومعنـى وحلـى
قول من أنطقـه الحـبّ فقـال
" هل درى ظبي الحمى أن قد حمى
قلب صبّ حلّه عـن مكنـس "
" فهو في خفـقٍ وحـرٍ مثلمـا
لعبت ريـح الصّبـا بالقبـس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق